التقلب طبيعي، والاستقرار مصطنع

التقلب طبيعي، والاستقرار مصطنع

لقد كانت أحداث الأسبوع الماضي بمثابة تذكير قوي لسبب فشل محاولات "تثبيت" الأسواق من خلال "تعديل" أسعار الفائدة.

16 أغسطس, 2024
طلال الطباع
طلال الطباع
الكاتب

لقد كانت أحداث الأسبوع الماضي بمثابة تذكير قوي لسبب فشل محاولات "تثبيت" الأسواق من خلال "تعديل" أسعار الفائدة. حيث قام بنك اليابان برفع أسعار الفائدة بنسبة ٠.٢٥% فقط، مما أدى إلى فوضى عارمة في الأسواق العالمية، وكشف عن هشاشة الاقتصاد العالمي. فالنظام المالي مثقل بالديون، وكلها متداخلة ببعضها البعض مع "تداول الين" كأبرز مثال على كيفية تواطؤ بنكين مركزيين لتحديد سعر المال، مما يخلق فرصاً ضخمة لتخلي المتداولين عن صفقات حمل الين. المتداولون، وهم في الغالب مؤسسات مالية كبيرة، يشترون الين بسعر فائدة ٠%، ويحولونه إلى الدولار الأمريكي، ويشترون سندات الخزانة الأمريكية بنسبة ٥%، ويكررون العملية. هذا التداول يعتمد على إبقاء اليابان لأسعار الفائدة منخفضة بشكل مصطنع وانخفاض قيمة الين مقابل الدولار الأمريكي. والأسوأ من ذلك، أن هذا التداول الحصري متاح فقط للمتداولين المتقدمين والمؤسسات المالية الكبيرة، مما يبرز حقيقة أن هذا ليس رأسمالية السوق الحرة، بل تلاعب بالسوق يستفيد منه قلة مختارة.

باختصار، اليابان، وهي دولة من مجموعة السبع وتجاوزت نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي فيها ٢٠٠%، تواجه تضخماً متزايداً وانخفاضاً في قيمة الين. يريد بنك اليابان رفع أسعار الفائدة ولكنه لا يستطيع لأن الأسواق العالمية تعتمد بشكل مفرط على تداول الين، مما قد يؤدي إلى أزمة مالية عالمية إذا تم ذلك. اليابان أيضاً هي أكبر حامل لسندات الخزانة الأمريكية، لكنها لا تستطيع بيعها دون أن تؤدي إلى ارتفاع عائدات السندات الأمريكية بشكل هائل، حيث تكافح الولايات المتحدة للعثور على مشترين لديونها المتزايدة باستمرار، والتي تجاوزت ٣٥ تريليون دولار العام الماضي.

الأسواق العالمية متماسكة بسبب طباعة النقود، ومع ذلك، لا يزال العديد من المستثمرين ومديري رأس المال يعتبرون البيتكوين متقلباً جداً، في حين أن الحقيقة هي أن البيتكوين هو السوق الحر الوحيد في العالم، وقد نما بمعدل سنوي يبلغ ١٥٠% منذ عام ٢٠١١، وارتفع بنسبة ٤٦٠% خلال السنوات الخمس الماضية!

تقلبات البيتكوين هي ببساطة الحالة الطبيعية للأسواق الحرة، التي تتداول عالمياً على مدار الساعة. عدم تقلب السوق التقليدي هو مصطنع ومؤقت. لا شيء في الطبيعة أو في الأسواق الحرة ثابت؛ كل شيء في حالة تدفق مستمر، يتكيف مع الظروف والبيئات المتغيرة. فكرة أن الاقتصاد يمكن تثبيته من خلال التخطيط المركزي هي خرافة خطيرة. فقط انظر كيف أخفقت البنوك المركزية في تحقيق أهداف التضخم!

أعتقد أنه في العقود القادمة، سننظر إلى هذه الحقبة بذهول، ونتساءل كيف قبلنا فكرة أن تكلفة رأس المال كانت تُحدد بشكل اعتباطي على أساس فصلي، بدلاً من أن تحددها الأسواق الحرة.

شارك المقال عبر:
مدونة المؤسسين

استثمر اليوم في مستقبل المال مع كوين مينا

مقالات ذات صلة